السيد فائز السراج …. رئيس المجلس الرئاسي
إن قوى التيار المدني وهي تتابع وتشارك بشكل مدني وسياسي في كل الجهود الرامية لدحر العدوان، ودحر الانقلاب المضاد الذي يسعى -منذ أكثر من خمسة سنوات- لوأد أهداف ثورة فبراير وتقويض الدولة المدنية التي قدم من أجلها أبناء الوطن أعظم التضحيات بالأنفس والدماء والأموال. إن نتائج حروب الانقلاب المضاد ماثلة أمامنا في تجسيد مؤلم من قتلى وجرحى ومفقودين ولما يتحمله المواطنون من ويلات النزوح والتهجير ومعاناة اقتصادية واجتماعية.
إن قوى التيار المدني منذ انطلاقها بذلت مجهودا كبيرا لرص الصفوف وتوحيد الجهود لدحر العدوان وطرح مشروع متكامل يساهم في القضاء على الانقلاب وينهي المراحل الانتقالية عن طريق مؤتمر تأسيسي يضع قواعد دستورية لبناء الدولة المدنية المنشودة.
في ظل ما سبق كانت قوى التيار المدني تسعى حثيثا بكل الجهود لتقديم الدعم والمناصحة لإصلاح أداء المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق في دحر العدوان وإدارة الازمات التي تمر بها بلادنا، وآخرها الأزمة الخطيرة والمتمثلة بمخاطر جائحة فايروس كورونــــا على بلادنا والتي توقعنا أن تتوحد كافة مؤسسات الدولة الشرعية للسيطرة على خطر هذه الجائحة ومنع تفشيها. غير أن قوى التيار المدني تفاجأت ببيان خطير من حيث المضمون والتوقيت صادر بشكل منفرد من السيد فائز السراج حول مصرف ليبيا المركزي والذي فتح الباب على مصرعيه للصراع وتنامي الاختلافات التي تهدد تماسك الجبهة الداخلية وكل الجهود الرامية لدحر العدوان وهزيمته والسيطرة على جائحة كورونا، ومن هذا المنطلق فإننا نؤكد على النقاط التالية:
1. إن بعض أعضاء مجلس إدارة المصرف المركزي المتواجدين بالمنطقة الشرقية الذين وجه لهم الدعوة السيد فايز السراج هم مشاركون بشكل فاعل وأصيل في دعم الانقلاب على الدولة المدنية مادياً عن طريق تسخير كل إيرادات وأصول الدولة ومدخرات المواطنين بالمصارف وبدعم المجهود الحربي للانقلابيين علاوة على طباعة مليارات من الدينار الليبي خارج المنظومة وبما يخالف القواعد المعتمدة الأمر الذي أدى إلى انهيار قيمة الدينار وارتفاع الأسعار واستنزاف احتياطي البلاد من العملات الأجنبية، وبدون ذلك ما كان للانقلاب المضاد أن يستمر مما أدى إلى دمار شامل لمدن بنغازي ودرنة وأجزاء كبيرة من طرابلس.
2. في الوقت الذي تمر به الدول الداعمة للانقلاب بأزمة مالية حادة انعكست بشكل مباشر على تجفيف المنابع المالية لمعسكر الانقلاب، نجد السيد الرئيس تخونه الحكمة في دعوته لاجتماع الجمعية الوارد في بيانه الأخير حول مصرف ليبيا المركزي، الأمر الذي قد ينتج عنه زيادة الحجج بمطالبات مالية تصب في النهاية لدعم العدوان من قبل المسيطرين على المنطقة الشرقية، علاوة على ما قد يترتب عنه من تستر واخفاء بل وحتى شرعنه ما تم من نهب لأموال المواطنين ومدخراتهم.
3. إننا كقوى التيار المدني ندعم قرارات مجلس الأمن بشأن توحيد المؤسسات السيادية للدولة الليبية، إلا أننا نستغرب الانتقائية في التعاطي مع قرارات مجلس الأمن الخاصة بتوحيد المصرف المركزي وفرعه في البيضاء دون ذكر تفاصيل هذه القرارات وأهمها ضرورة إخضاعهما للمراجعة القانونية قبل التفكير في توحيدهما.
4. إن عدم اتخاذ الاجراءات اللازمة محليا ودوليا من قبل السيد الرئيس فائز السراج لإعادة إنتاج النفط وتصديره باعتباره المصدر الوحيد للدخل مما ينعكس سلبا على كافة قطاعات الدولة. إن وقف تصدير النفط هو السبب الرئيسي للأزمة الاقتصادية والمالية وهو ما فاقم الوضع المعيشي في البلاد وليس انقسام فرض بالقوة على مؤسسات الدولة بما فيها المصرف المركزي.
وأخيرا إن قوى التيار المدني تسعى دائما لوحدة الصف ورأب الصدع وتقديم الحلول لتجاوز الأزمات، ومن خلال هذه الرسالة ندعو مجلس النواب المنعقد في طرابلس والمجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة ومصرف ليبيا المركزي وكل مؤسسات الدولة الشرعية المعنية لتشكيل غرفة عمليات تقود الأزمة المركبة التي يواجهها الليبيون في معركتهم ضد الانقلاب وضرورة هزيمته والسيطرة على كامل التراب الليبي، وبدون ذلك لن يأمن الليبيون ولن تتوحد كافة مؤسساتهم. إن مهمة الغرفة المقترحة دحر الانقلاب وانهائه بالتوازي مع مكافحة جائحة كورونا.
إن المهام المتوقعة لهذه الغرفة أن تصدر التشريعات اللازمة في الحالة الراهنة والطارئة، وتنهي الصراع على الاختصاصات التنفيذية، وتلغي العبث السابق المتعلق بتشكيل لجنة الأزمة والطوارئ، وكذلك الخلل في تشكيل لجنة الأزمة لمواجهة فيروس كورونا، واستبدالها بلجان تعتمد على أهل الخبرة والاختصاص والكفاءة والنزاهة في مجالهم.
إن استمرار التفرد وانعدام مبدأ المشاركة في القرارات المصيرية المتبع حالياً في كافة مؤسسات الدولة الليبية سوف ينعكس بشكل سلبي وخطير جداً على التصدي لجائحة كورونا وهزيمة العدوان وغيرها من الأزمات ويغذي الفساد المستشري في مفاصل الدولة.
ختاما ندعو المجلس الرئاسي ومجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة إلى التمسك باستمرار عملية عاصفة السلام ودعمها، والتي نرجو من الله أن تتكلل بالسيطرة على كافة التراب الليبي وعدم الالتفات إلى المطالبات والمناشدات الدولية المشبوهة للهدنة ووقف إطلاق النار التي يراد من ورائها إعطاء الوقت والفرصة أمام المعتدي للاستمرار في حربه الإجرامية.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قوى التيار المدني
06 أبريـــــل 2020
اترك تعليقاً