إطلع حزب الجبهة الوطنية على المسودة المقدمة من السيد برناندينو ليون بخصوص الاتفاق السياسي للمفاوضات المنعقدة بين أطراف الصراع السياسي في مدينة الصخيرات.
وإذ يعرب حزب الجبهة الوطنية عن خيبة أمله الكبيرة واستيائه مما احتوته هذه المسودة من نقاط تعيد العملية التفاوضية إلى المربع الأول، وتنسف جميع الجهود المبذولة للتهدئة والتوافق للخروج بالبلد من المأزق السياسي الحالي والذى تسبب في زيادة التوترات الأمنية وانعكاساتها على الحالة الاقتصادية والحياتية للمواطنين.
لقد كان أملنا كبيرا أن تكون بعثة الأمم المتحدة على قدر من المسؤولية والحياد مما يمكنها من استيعاب الموقف السياسي والأمني بجميع تعقيداته والخروج بحلول واقعية متوازنة تؤدي إلى حل شامل حقيقي وقابل للاستمرار للخروج من هذه الأزمة الخانقة التي تهدد الأمن القومي لدولة ليبيا ووحدة أراضيها.
وإذ يعرب حزب الجبهة الوطنية عن عدم رضائه عن هذه المسودة والتي تتصف بالبعد عن الواقع وترسيخها لحالة الاستقطاب الحاد والانقسام فإننا نورد فيما يلي بعض التحفظات الجوهرية وانعكاساتها الخطيرة على الوضع السياسي والأمني:
1. تخلي المسودة المقدمة عن مبدأ الحل الشامل والذي نراه هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة وعدم مراعاتها للمبادئ العامة والحاكمة المنصوص عليها فى ديباجة المسودة نفسها وهو ما يعتبر تناقضا خطيرا.
2. تجاهل المسودة لحقيقة أن أسباب هذه الأزمة لا تقع على طرف واحد من أطراف الأزمة وهو ما يعتبر إخلالا جوهريا لمبدأ التفاوض السياسي وتغليب طرف على طرف آخر مما قد يؤدى إلى زيادة حدة الصراع.
3. إن الإبقاء على معظم الصلاحيات الرئيسية بيد طرف واحد (مجلس النواب) بما في ذلك صلاحيات تمكنه من إلغاء مخرجات الحوار بالكامل سوف يؤدى فى النهاية إلى انهيار العملية السياسية والدخول فى مأزق جديد يستحيل الخروج منه.
4. إن تجاهل القرارات السلبية العديدة التي اتخذها مجلس النواب والتي ساهمت فى زيادة التوتر الأمني والسياسي من قبيل تعيين المدعو خليفة حفتر على رأس مؤسسة الجيش وهو من أعلن انقلابه على السلطات الشرعية والإعلان الدستورى المؤقت، علاوة على قيامه بشن عمليات عسكرية أدت إلى تدمير المدن الليبية وتهجير أهلها، وارتكابه جرانم حرب ضد الشعب الليبي، واستعداده للتفريط في السيادة الليبية وتحريضه المستمر على التدخل العسكري لدول الجوار في ليبيا لصالح مخططه الانقلابي، وتصريحاته الأخيرة بقبول التدخل المسكري الأجنبي في ليبيا وإعلانه أنه سيدعم أي قرارات تتخذها بعض القوى الخارجية حتى وإن كانت هذه القرارات ضد مصلحة ليبيا، وهي كلها تصريحات تدعو للاستهجان والإدانة، مما يدعو للاستغراب حول أسباب تجاهل المبعوث الأممي لهذه التصريحات المخلة بأمن البلاد وبمسار العملية السياسية، كما يدعو للشك حول النوايا الحقيقية لإصداره هذه الورقة.
5. إن أداء مجلس النواب وتصرفات أعضائه ورئاسته منذ توليه السلطة وما رافقها من سلبية وتصعيد يدل على مدى خطورة تفرده بالسلطة وفسح المجال أمامه بمثل تلك الصلاحيات المنصوص عليها فى هذه المسودة.
6. إن تجاهل الوثيقة لجميع المبادوات التي طرحت خلال المفاوضات والتعهدات التي قدمت بشأن الخروج باتفاق سياسي يرتكز على مبدأ الحل الشامل لهو أمر مستغرب ويحتاج للتوضيح من البعثة الأممية.
7. عدم تضمن الوثيقة أي توازن في الصلاحيات يضمن عدم تفرد طرف واحد من أطراف الصراع بعملية صنع القرار يعتبر إخلالا جوهريا لا يؤدي بأي حال من الأحوال لحلحلة الأزمة القائمة بل ويدفع بها إلى مزيد من التأزم بل والوصول لطريق مسدود يستدعي التدخل الخارجي والذي ستكون نتانجه كارثية ليس على الوضع الداخلي فقط بل والإقليمي والدولي.
إننا ندعو هيئة الأمم المتحدة ممثلة بالأمين العام السيد بان كي مون ومجلس الأمن إلى إعادة النظر في هذه الوثيقة غير المتوازنة بل والمنحازة لطرف واحد والتي يبدو أن صياغتها قد تمت تحت ضغوط من بعض الأطراف الإقليمية والدولية للدفع بالوضع الداخلي لمزيد من التأزم بحيث يكون مبررا لتدخلات إقيمية ودولية، كما نطالب الأطراف الدولية الفاعلة بالنظر بواقعية أكثر إلى الوضع السياسي الليبي ومحاولة الخروج بحلول أكثر توازنا وقابلية للتطبيق والاستمرار.
إن حزب الجبهة الوطنية وهو يعبر عن عدم رضاه عن هذه الوثيقة ويطالب بإعادة النظر فيها، فإنه يجدد قناعته الراسخة بأن الحل الوحيد للأزمة التي تمر بها ليبيا لن يكون إلا سياسيا وعبر التوافق على حلول ترتكز على مبادئ وأهداف ثورة السابع عشر من فبراير، وأن اي مبادرات يجب أن لا تكون على مبدأ المغالبة بل التوافق والتعايش السلمي الذي يضمن مشاركة جميع مكونات الشعب الليبي بدون إقصاء لأي طرف على أسس سياسية، أو أيدولوحية أو قبلية أو جهوية.
إننا في حزب الجبهة الوطنية ومن منطلق مسئولياتنا التاريخية ندعو جميع الأطراف ومكونات الشعب الليبي إلى تغليب المصلحة العيا للوطن، وتقديم التنازلات الضرورية للخروج من هذه الأزمة الخطيرة والتي تهدد وجود الوطن، وتغليب لغة الحوار والتوافق، وعدم الاصطفاف وراء الأطراف الإقليمية ضد مصلحة الشب الليبي، والوقوف صفا واحدا لرفض ومقاومة التدخلات العسكرية الأجنبية التي باتت تلوح في الأفق ويروج لها من قبل أطراف إقليمية ودولية لا تخفى أطماعها في السيطرة على المقدرات الليبية، وتتناغم معها بعض الأطراف المحسوبة على ليبيا إن التدخل العسكرى الأجنبي مهما كان مصدره سيشكل كارثة وخيمة وتهديدا ليس فقط لسيادة ليبيا واستقلالها ووحدة أراضيها بل قد ينسف صيرورة وبقاء الشعب الليبي وسيطرته على أرضه ومقدراته إننا مدعوون جميعا إلى تفويت الفرصة على الطامعين في بلادنا بتقديم التنازلات والوصول إلى حلول وسط تنتشل بلادنا من الصراع والتفرق.
حزب الجبهة الوطنية
الجمعة 12 رجب 1436 هجرى
الموافق 1 مايو 2015 ميلادي
اترك تعليقاً