بيان بمناسبة الذكرى الثالثة والثلاثين لمعركة معسكر باب العزيزية
مع حلول شهر مايو من كل عام تطل علينا ذكريات عظيمة خالدة يقف شعبنا بكل إكبار احتفاء بها إنها
ذكريات الاباء والفخار والإقدام والتضحية التي سطرها أبطال الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا، وهي ذكريات
النفوس الشامخة الشماء التي ارتفعت بأصحابها إلى منزلة الشهداء الابرار والمقاتلين الصناديد الأفذاذ. ذكريات
قضية كانت معركة في سبيل الله دفاعاً عن المستضعفين والمظلومين من أبناء ليبيا الحبيبة. ففي السادس من
مايو 1884 م ضرب الشهيد المجاهد البطل أحمد إبراهيم أحواس أروع الأمثلة في الإقدام والشجاعة والتضحية
حين روى بدمائه الطاهرة تراب الوطن، وجاد بروحه الزكية وهو يقارع الظلم ويتحدى الطغاة. وفي الثامن
من مايو 1984 م سطر أبناء ليبيا الأشاوس فدائيو الجبهة الوطنية لإنقاذ ليبيا ملحمة الجرأة والشجاعة والإقدام
حيث خاضت (مجموعة البدر)) الفدائية غمار الهجوم البطولي على معسكر باب العزيزية. فكان يوماً من ايام
الفخار والشمم، تدافع فيه الفتية المؤمنون بربهم فاقتحموا غمار الموت اقتحاماً، متخذين من إيمانهم بربهم
سلاحاً، وبمعاناة شعبهم دافعاً ووقوداً، وإلى الشهادة ساعين نفيراً، فيذلوا الأرواح والمهج في سبيل الله.. دفاعاً
عن الحق ودفعاً للظلم، وصوناً لكرامة المواطن وإرغاماً لأنوف الطغاة والمجرمين.
لقد مضى ثلاثة وثلاثون عاماً على تلك الملحمة المجيدة وماتزال معاني البطولة والشمم التي أثارتها تحيا في
أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا. لقد سجلت معركة معسكر باب العزيزية صفحات مشرفة من تاريخ شعبنا الليبي
الحافل بالأمجاد والبطولات، فجاءت تعبيراً عن رفض الشعب الليبي لحكم الفوضى والهمجية والإرهاب
والخيانة، وتجسيداً لإرادة ابناء ليبيا في مقارعة الظلم والتصدي للطغيان، ومقاومة الإرهاب، ورفض عيش
الذل والخنوع والاستسلام، وايثارهم للجرأة والإقدام طلباً للحرية والعزة والعيش الكريم. لقد كان أبطال مايو
قلة قليلة، هزت الأرض تحت أقدام الجبناء، وأوقدت في النفوس شعلة الآمل، ورسمت معالم طريق الإنقاذ.
وستظل المعاني الخالدة الرائعة التي جسدتها ملحمتهم التي سطروها بدمائهم وسواعدهم معنياً لا ينضب
يغترف منه المناضلون دروساً وعبراً، ويستمدون منه قوة وعزماً على مغالبة الطغيان والانتصار لكرامة
الإنسان الليبي.
وفي الوقت الذي نستذكر فيه ذكرى هؤلاء الشهداء الأبطال فإننا نعبر عن بالغ استيائنا من تجاهل الحكومات
المتعاقبة منذ نجاح ثورة 17 فبراير لتضحيات هؤلاء الرجال وغيرهم ممن استشهدوا وهم يغالبون حكم
الطاغية، كما تهتم بمطالبات حزب الجبهة المتكررة بإدراجهم ضمن قوائم الشهداء وتقديم الرعاية لأسرهم
اسوة بغيرهم من شهداء الوطن. ومما يحز في نفوسنا ويدعوا الى الاستهجان أن جثامين بعض هؤلاء الشهداء
مازالت حبيسة ثلاجة الموتى في مستشفى طرابلس المركزي بما يتنافى مع أبسط قواعد الشرع والكرامة
والإنسانية وذلك بالرغم من مساعينا للسماح بدفنهم. ونكرر دعوتنا الى السلطات المعنية بالإسراع في دفن
الجثامين بما يكفل الاحترام.
2
إن الذكرى السنوية الثالثة والثلاثين لمعركة باب العزيزية الخالدة تمر بنا في وقت يواجه فيه الشعب الليبي
حملة أخرى من حملات الإرهاب والقمع التي يشنها مجموعة من المتطرفين فكراً ومنهجاً وعملاً ومجموعة
أخرى من المتطرفين والطغاة والحالمين بالسلطة من أجل قهر الشعب الليبي وتحطيم إرادته وتجريده من
حريته التي انتزعها بدماء أبناءه الطاهرين البررة، وتعانى فيه إمكانات بلادنا البشرية والمدية نزفاً مستمراً
وخطيراً، ويعبث العابثون فساداً في كل مرافق حياة الشعب الليبي.. إن هذا كله مدعاة لكل أحرار ليبيا
وحرائرها كي تتراص صفوفهم وتتكاثف جهودهم مرتسمين خطى أبطال مايو الاشاوس في مجهود متواصل
من أجل إنهاء معاناة المواطنين وإنقاذ ليبيا من براثن الطغيان والهمجية والفوضى والفساد..
إن حزب الجبهة الوطنية ليغتنم هذه الذكرى المجيدة العطرة ويتوجه بالنداء الحار الى كافة القوى الوطنية بكل
أطيافها ومواقعها لاستشعار دورها ومسؤولياتها والتآزر من أجل المشاركة الفعالة في معركة إنقاذ ليبيا مجدداً
مما ترزخ تحته من ويلات، كما يتوجه بالنداء الى كافة الأشقاء العرب وخاصة الجيران منهم وإلى كافة أحرار
العالم بأن يبادروا للوقوف إلى جانب الشعب الليبي وأن يتوقفوا عن كل أشكال الدعم المادي والمعنوي لكافة
القوى المتصارعة، وأن يدعموا حقه في الأمن والاستقرار والسلام وحقه في الحرية والعدل والحياة الكريمة.
إن حزب الجبهة الوطنية وهو يحيي مع جموع شعبنا الليبي في كافة ربوع الوطن الذكرى السنوية الثالثة
والثلاثون لمعركة معسكر باب العزيزية ليستمطر شآبيب الرحمة والرضوان على أرواح شهدائنا الأبرار،
ويحي صمود ومصابرة هذا الشعب الأبي، معاهدا الله سبحانه وتعالى أن يضع يده في يد كل ليبي غيور على
ليبيا ووحدتها وامنها واستقرارها من أجل الخروج من المأزق الخطير الذي تمر به البلاد سائراً على خطى
الشهداء الميامين، مستلهماً عطاءهم وتضحياتهم، وفياً لدمائهم، مخلصاً للمبادئ العظيمة التي التقي عليها
اباؤه، مسترشداً بالقيم العلا والمبادئ السامية التي امن بها شعبنا الليبي محركاً ومنهجاً ونبراساً حتى يتحقق
الأمن والاستقرار والسلام بعون الله، كما يتوجه إلى كافة أبناء الوطن داعياً إلى العمل الدؤوب والعدل والخير
لكافة أبنائها وتتوخى التقدم والتطور والازدهار.
"ولينصرن الله من ينصره ان الله لقوي عزيز"
والمجد والخلود للشهداء
حزب الجبهة الوطنية
الاثنين 12 شعبان 1438 هـ
الموافق 8 مايو 2017 م
اترك تعليقاً